اهرام برس - انتشرمؤخراً أن بعض العائلات، تقيم العزاء في أوقات محددة باستقبال المعزين، من وقت صلاة العصر وحتى الساعة العاشرة ليلاً، والبعض الأخر من بداية اليوم وحتى نهايته على مدار ثلاثة أيام متتالية.
صدقة عن روحه
"كان الأفضل أن يكون صدقة عن روحه لوجه الله تعالى" بهذه الكلمات تروي بسمة الخواجا (28 عامًا) قصة رحيل والدها، حينما أصابته جلطة في الشريان الرئيسي بالقلب، عندما كان متوجهاً للسفر قبل أن يرى أبناءه المسافرين خارج قطاع غزة.
تقول بسمة: توفي والدي الساعة الحادية عشرة ليلاً، وبعد إتمام معاملات الخروج، دُفن في اليوم التالي بعد صلاة العصر، ليقام أول يوم عزاءٍ له، وهكذا ثاني يوم من الساعة الثالثة عصراً وحتى العاشرة ليلاً.
وتستكمل الخواجا حديثها: في اليوم الثالث أقيم العزاء من الصباح باستقبال المعزين، وخوفاً من كلام الناس، وكما هي العادات والتقاليد المتبعة عند قيام أي عزاء، كونه مقام في بيت عم والدي، وبرغم تكاليفه المرهقة التي تكفلنا بها، حيث لم يكن لدينا نية بأن يتم العزاء من الصباح.
عادة عائلية
وكما جرت العادة في العائلة لدينا، بمجرد سماع خبر وفاة أحد ما، يُفتح الديوان فوراً، وحتى نهاية اليوم الثالث، ففي الأيام الثلاثة يكون من الصباح وحتى المساء.
هكذا تحدثت صابرين زعرب ( 26 عامًا) عن طقوس العزاء في عائلتها، فخلال ثلاثة أيام يتم تقسيم الغذاء على العائلة، سواء من أهل المتوفى، أم نسايبه.
وعن من يتحمل تكاليف العزاء تكمل زعرب حديثها: في اليوم الأول يكون الغذاء بمساهمة من العمومة والجيران، أما في اليوم الثاني فيكون على حساب أهل الميت بإحضار الغذاء من المطبخ، وأما عن تكاليف اليوم الثالث فهو على نفقة نسايب المتوفى.
مع أو ضد؟
وخلال استطلاع رأي أجرته احدى الوكالات يرى البعض من المواطنين مع تحديد أوقات العزاء، يقول محمد عنتر(22 عامًا): نظراً للوضع الإقتصادي الصعب وما يحمله العزاء من تكاليف مرهقة للعائلة، وحتى لاينشغل الناس عن أمورهم الحياتية.
ويوافقه زميله محمد أبو دون(20 عاماً): بقوله أنّ أهل الميت يكونوا في حالة نفسية صعبة وبالتالي غير مهيئين نفسياً لاستقبال المعزين في أي وقت، وحتى لا يسبب إحراج للزائرين أو أهل المتوفى.
وتخالفه أم محمد علي(27 عامًا): بأنها ضد تحديد أوقات العزاء بسبب حاجة أهل المتوفى للمواساة والوقوف معهم ومشاركتهم أحزانهم.
ويوافقها عثمان اشتيوي( 21عامًا) رأيها: بأن المعزّي لا يكون معه وقت للتعزية، لو كان العزاء من العصر خاصة في فصل الشتاء نظراً لقصر الوقت، والرسول عليه الصلاة والسلام وصى بصناعة الطعام.
العائلة تتحمل التكاليف
ونظراً لمستوى العائلات الإقتصادي فإن إحتياجات العزاء مكلفة وتتفاوت التكاليف من عائلة لأخرى ومن مكان لأخر أدناها 1000 دينار.
وتتعدد الإحتياجات من تأجير معرش وكراسي وقهوجيين" الأشخاص الذين يصنعون القهوة ويوزعونها على المعزين، إضافة إلى مستلزمات الغداء والتمر والمغسلة، سواء في حين قيامه مدة ثلاثة أيام من أول النهار حتى الليل، أو من العصر إلى المساء.
ويختلف تحديد الأيام باختلاف المناطق الجغرافية من الشمال إلى الجنوب، ومن الوسط إلى الشرق، والوضع الإقتصادي للعائلة ومدى مكانتها في المجتمع من معارف وأصدقاء.
التعزية والشرعمن يحدد أيام العزاء، وهل هو محدد بمكان معين، ومن يتحمل تكاليفه، وهل العزاء بدعة أم سنة أم مستحبة؟ يجيب عليها القاضي الشرعي زكريا النديم.
يقول النديم: حكم التعزية مستحبة بدليل الحديث الشريف:" ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة".
ويتابع: تستمر التعزية لمدة ثلاثة أيام، ويمكن لأهل الميت تحديد أوقات معينة، لسبب أو ظرف خاص بهم، كأن يجعلوه في وقت محدد من بداية اليوم، أو حتى من وقت صلاة العصر، إلى المساء.
ويضيف النديم: أن تعزية المصاب شرعاً م ن أدب المسلم اتجاه أخيه المسلم لما لها من طقوس خاصة، ويمكن أن يتصل المعزي هاتفياً إن لم يستطع الحضور لمواساته وكأنه مع أهل المتوفى.
وكما يرى النديم أن ألفاظ التعزية تتعدد كـ " أعظم الله أجركم، وأحسن الله عزاءكم، وغفر لميتكم، إضافة إلى إنّ لله ماأخذ وأعطى، وكل شئ عنده بأجلٍ مسمى، فاصبروا واحتسبوا.
وعن أدب الجلوس في العزاء يوضح النديم أن المتقدمين من المذهب الحنفي، يرون أنه لا بأس به من غير ارتكاب محظور، مثل النميمة، والشجار، ومنهم من قال فيه كراهة.