ماذا يفعل الشباب؟ منهم من يقترح على زوجته المستقبلية السكن بغرفة واحدة مع عائلته، فهل تقبل الفتيات بذلك بسبب عدم مقدرته على توفير بيت مستقل؟ وما أثر ذلك على الزواج؟ هل ينجح أم ستكون أسبابه كارثية على العلاقة، خاصة بعد مواكبة الفتاة لكل أشكال التطور؟
منى حمزة من مخيم الشابورة في رفح، قبلت اقتراح خطيبها عليها بالزواج في غرفة مع عائلته، لأنه خريج جامعي، ولم يستطع توفير بيت مستقل من عمله، حيث إن عمله يقتصر على الدروس الخصوصية.
تقول حمزة: "في بداية زواجي وجدت صعوبة في التأقلم مع وضع الغرفة في حركتي وارتداء الملابس، لكن الظروف الصعبة جعلتني أتغاضى عن كثير من الأمور والمشاكل، وسارت حياتي كما قدر الله لنا، وما زلت أنتظر الفرج بأن يتحسن وضعنا لأستقل مع زوجي".
لكن "سندس- ص" من خانيونس، وتعيش في غرفة مع عائلة زوجها، لم تشعر بالراحة منذ أن تزوجت، وتقول ندمت أشد الندم على زواجي بهكذا وضع.
تقول الثلاثينية سندس: "تزوجت في الرابعة والعشرين من عمري، واضطررت للقبول بعد ضغط والدتي المستمر لأنني حسب ما تقوله أني تجاوزت سن الزواج، وإن رفضت ستطاردني العنوسة، فوافقت بعد إصرارها".
تضيف سندس: "لم أعش بسعادة إلا أول أسبوع من زواجي ثم بدأت حياتي تتحول إلى جحيم، بسبب تدخلات والدة زوجي وشقيقاته المستمرة بي، وتقييدهم لحريتي حتى في ملابسي وأبسط أموري".
وتضيف: "تحملت كثيراً إلى أن حملت، لكن لم يعد باستطاعتي التحمل أكثر، فتركت الغرفة وذهبت إلى منزل عائلتي إلى أن يوفر زوجي حلاً يناسبني، فالحياة لا تطاق في سجن غرفتي، لأني لم أشعر بالاستقلالية وأني متزوجة من كل البيت وليس زوجي فقط، تختم سندس".
من جهتها، تقول سهاد عصفور من مخيم البريج: "تزوجت في غرفة مع عائلة زوجي لمدة ثلاثة أشهر، لأن زوجي وعدني بتوفير بيت مستقل بأقرب فرصة، كانت حياتي أقرب إلى الصراع، فقد كنت أحاول خلق التوازن بين متطلبات زوجي ومتطلبات حماتي، وكثيراً ما صادفتني المشاكل وانعكست على علاقتي مع زوجي، فلم أعد الفتاة التي لها مختلف الاهتمامات وانحصرت على إرضاء والدة زوجي، وأن أكون مثالية بنظرها".
تضيف عصفور: "كنت على أعصابي إلى أن وفر زوجي البيت المستقل وانتقلت له، وبدأت أعالج ما دمره السكن بالغرفة، والآن حياتي مستقلة ولا أسمح لأحد أن يسيرها كما يريد بحجة الظروف".
وتنصح عصفور بختام حياتها الفتيات بعدم الزواج بغرفة مع عائلة زوجها، تحت أي ظرف، لأن حياتها ستتحول كما تريد عائلته وليس كما يريد زوجها".
الفتاة الجامعية سناء حسن من غزة تقول: "بالنسبة لي أوافق على مبدأ الزواج بغرفة في حال كان الزوج مناسباً ومتعلماً".
تضيف حسن: "أعامل والدته كوالدتي وأعمل على إرضائها، أستطيع حينها العيش باستقرار ولا تواجهني أي مشاكل".
تختم حسن: "الشباب من الجنسين وصل إلى سن العنوسة بفضل الحصار ومفرزاته، فيجب أن نقف مع بعضنا لتجاوز أي أزمات، فمن أين سيوفر الشباب البيت المستقل في هذه الظروف القاسية؟".
أما الطالبة سعاد زقوت لغة انجليزية تقول باقتضاب: "إلّي معوش ميلزموش".
وترفض السيدة لانا الفرا المبدأ وتقول:" ارفض الزواج بغرفة مع عائلة الزوج نهائياً, بسبب التدخل الزائد , والتقيد بأمور لا أرغبها".
الأخصائي النفسي محمد مصلح يقول: "ممكن أن تقبل بعض الأسر، والفتاة نفسها بالزواج من شاب يقطن في غرفة واحدة، وذلك بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية، فمن طباع الإنسان أنه يرجئ ويؤخر تحقيق أهدافه إلي حين تحسن الأوضاع، فيمكن أن تعتبر الفتاة أن البيت المستقل هو شكل من أشكال تحقيق الذات الذي قد لا يأتي في بداية الزواج، وممكن أن يأتي بعد سنوات عدة، وهذا ما تحدت عنه (هرم ماسلو)، أن الإنسان ينتقل من مرحلة الأمن والأمان إلي تحقيق وتقدير الذات، فهي سلسلة متواصلة ومتدرجة لا يمكن تحقيقها في يوم أو سنة واحدة".
يضيف مصلح: "أيضاً ويمكن من الناحية الاجتماعية قبول بعض الأسر بالأمر خوفاً من مصطلح (عانس)، فهي تنظر إلي أن معاناة الغرفة الواحدة ممكن أن تنتهي إذا تحسنت ظروف الشاب اقتصادياً، أما لو بقيت (عانس) فهذا سيبقي معها طيلة العمر".
وحول الآثار المترتبة على الزواج في غرفة مع العائلة يقول مصلح: "المشاكل الأسرية التي قد تؤدي نهاية إلي الطلاق، فمن المتعارف عليه أن الزوجة التي تسكن في بيت العائلة، يتطلب منها القيام ببعض الوظائف كالغسيل والطبيخ مثلاً، ناهيك عن تدخل الحماة بالزوجة، فمن هنا تحدث المشكلات بين الحماة والكنة والتي تقود نهايته إلي إنهاء هذا الزواج، سواء بالطلاق التام أو انتزاع الحقوق من خلال المحاكم".
ويحرم الزواج في غرفة الزوجة من استقبال ضيوفها بطريقة لائقة، ويدفعها في بعض الأحيان إلي عدم الرد علي جوالها حتى لا تقع في حرج، خاصة إذا كان هناك من الضيوف من له شقة أو بيت مستقل".
يتابع مصلح:" من الناحية النفسية يشعر البعض بتدني مفهوم الذات، والنظر للنفس بطريقة دونية، فقد تكون الغرفة للنوم واستقبال الضيوف، وتناول وجبات الطعام، وقد تكون أساساً غرفة مهترئة غير قابلة للسكن".
ويختم مصلح: هناك بعض الحالات من هذا الزواج قد نجحت، لكن الغالبية العظمي انقسم مسيرها إلي طريقين: جزء من هذا الزواج قد واجهته المشكلات، وكان الخروج من البيت هو الحل من خلال الإيجار، والجزء الآخر كان مصيره الطلاق، وذلك لأن بعض المتزوجين لا يستطيع دفع إيجار شقة تصل إلى 200 دولار في حين لا يزيد راتبه عن 300 دولار".