ويقبع الداية منذ 20 من الشهر الماضي في أحد سجون جهاز الاستخبارات العسكرية التابع للسلطة بصفته عنصر أمن في ظل غموض هل هو في سجن رام الله أم أريحا، وكذلك تضارب الأنباء عن وضعه الصحي سيما وأنه بدأ اعتقاله بإضراب مفتوح عن الطعام.
وفي الوقت الذي ترفض فيه المؤسسة الأمنية والرسمية التعليق على الاعتقال وذكر أسبابه، تبقى الرواية الوحيدة هي الصادرة عن عائلته ومحاميته التي أشارت إلى أن الأمر مرتبط بقانون الجرائم الإلكترونية وتوجيه تهمة التشهير بشخصيات في مكتب الرئيس.
وبحسب المصادر فإن اللافت أن الاعتقال لهذه الخلفية ليس مقنعا لهذه الدرجة ، فهو وإن كان يعرف عن الداية انتقاده الكبير للوضع الراهن ولكيفية إدارة السلطة للملفات السياسية مثل كثير حتى داخل صفوف حركة "فتح" ممن لا يعجبهم الوضع الراهن، فإن ما وجه إليه من اتهامات هو حديث قديم.
علاقة متوترة مع مكتب الرئيس
تشير المصادر إلى أن تهم القدح والتشهير تتعلق بمنشورات مضى عليها على الأقل عام قبل الاعتقال لشخص يعمل في مكتب الرئيس، فلماذا تأخر الاعتقال كل هذه الفترة؟ علما أن آخر ما نشره الداية على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) كان يتعلق بطلب الرئيس محمود عباس بأن يلغي اتفاق أوسلو عقب إعلان الاعتراف الأمريكي بالقدس المحتلة عاصمة لـ"إسرائيل".
وقبل الدخول في الأسباب تشير مصادر لـ"ًصفا" إلى أن علاقة الداية بمكتب الرئيس عباس والعاملين به كانت سيئة للغاية، وتم التعامل مع الرجل بمنطق الإقصاء والتهميش بشكل غير لائق سيما بعد رحيل الرئيس عرفات عن المشهد.
وتستذكر المصادر أن الاعتداء على الداية وتهميشه تم قبل رحيل عرفات بنحو عام ونصف، وتم تشويه سمعته أمام الرئيس الراحل والاعتداء عليه بالضرب عام 2003، وأقصي من عمله لفترة ليتبين حينها أن الأمر مجرد مكيدة من متنفذين ومنهم الراحل نمر حماد بهدف إبعاده عن محيط عرفات.
كما تستذكر المصادر أن عرفات وبعد أن أعاد الداية إثر تبين أن الأمر مجرد مكيدة، تم منعه من دخول الضفة الغربية من قبل سلطات الاحتلال قبل عام من استهداف الرئيس الراحل ليبقى معزولا عن مكتب الرئيس منذ ذلك الحين.
وعلى الرغم من أن الداية لا يتمتع بأي منصب هام في السلطة، إلا أن لموقعه السابق مرافقا للرئيس عرفات بعدا معنويا جعل من اعتقاله من قبل الاستخبارات العسكرية محط اهتمام.
يصنف على أنه معارض
تشير المصادر إلى أن الداية يصنف على أنه معارض للرئيس عباس، وكثير الانتقاد للتوجه العام للسلطة ، ولكن زيارته الأخيرة لمخيم الأمعري وظهوره العلني مع النائب جهاد طميلة الذي يصنف على أنه من تيار القيادي المفصول محمد دحلان وسط تبادل الحديث بمنطق ناقد للأداء السياسي الراهن شكل عامل تحد إضافي يضاف إلى ما يعرف عنه بانتقاده للواقع العام.
وبحسب مصادر أمنية لـ"ًصفا" فإن الداية كعسكري يحمل رتبة عميد، ولا يمكن السكوت عنه بحسب ما هو متبع داخل المؤسسة الأمنية، وما قد يكون مسموحا لمواطن مدني لا يمكن أن يكون مسموحا لعسكري، فانتقاده للسلطة وظهوره بجانب قيادات تصنف على أنها مناوئة وهو شخص يحمل رتبة عسكرية رفيعة لا يمكن المرور عليه وفق الأنظمة العسكرية.
وأضافت: هناك ضباط فصلوا من عملهم لمواقف أقل من ذلك بكثير، وهناك من خفضت رتبهم، وتعرضوا لإجراءات قضت على مستقبلهم المهني لكلمات غير محسوبة تفوهوا بها، ولا يوجد ما يجعل الداية استثناء.
العائلة تستنكر
بدورها أصدرت عائلة الداية بيانا "حملت فيه جهاز الاستخبارات العسكرية المسئولية الكاملة على حياته، مشيرة إلى أنه مضرب عن الطعام، ومطالبة الرئيس عباس بالإفراج الفوري عنه.
وأشارت محاميته راوية أبو زهيري في تصريح صحفي إلى أن عائلة الداية لم تعلم باعتقاله إلا بعد ثلاثة أيام إثر عرضه على المحكمة حيث بدا في حالة صحية صعبة، بعد أن فقد من وزنه الشيء الكثير، وصار يخرج دماً من فمه.
وقالت: إن النيابة العسكرية وجهت لـه تهمة تهديد مسؤولين في السلطة الفلسطينية والتشهير بهم من خلال صفحات أنشأها على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وتطالب بحبسه بالأشغال الشاقة من (3-15) عاماً.
ووصفت العائلة التهم التي وجهتها النيابة للداية بـ "الباطلة"، حيث جاء في لائحة اتهامه أنه شهر بأحد الموظفين العاملين في مكتب الرئيس عباس من خلال صفحة تسمى "أبناء الشهداء"، مع العلم أن المدعو حسين حسين وهو شخص ورد اسمه في اللائحة لم يتقدم بشكوى رسمية للنيابة العامة وفقاً للأصول القانونية.
ونوهت إلى أن صفحة الفيسبوك التي جاءت في لائحة اتهام الداية مغلقة منذ أكثر من عام، وختمت بأن كل الاحتمالات واردة ما بين الحصول على قرار بالإفراج وبين إصدار حكم بحقه، أو تخفيض رتبته العسكرية.