ومن ضمن هذه الأساليب، أن اتجه البعض منهم إلى (الشعوذة والدجل) بفكر مضلل مفاده، أن الأمر قد يساهم في حل مشكلة قلة البيع والشراء لديهم بحجاب معين أو وصفة تجلب لهم الرزق.
حال التجار يُبكي الحجريقف على باب محله الكائن في مدينة غزة، يشتكي قلة الزبائن بعد الظروف الاقتصادية الأخيرة التي ألمت بالقطاع، حيث قاربت الحركة الشرائية في غزة على التلاشي.
وما إن جاء صديقه ليسأله عن الحال حتى أخذه على انفراد كي لا يسمع أحد ما يدور بينهم من حوار فيقول له: "اسمع .. فش حواليك شيخ يشوفلي طريقة تجلب الزباين" فالحال على حد وصفه "واقف".
كما أن بعض التجار قد يذهب إلى معالج أو شيخ أو حتى دجال وذلك كي يقوم بعمل نوع من الفحص فيما إذا كان المحل أو الشخص قد أصيب بنوع من الحسد (العين) أو نوع من السحر يؤدي إلى كساد تجارته.
وهنا يقول التاجر الخمسيني (ن. م): "لم نشهد أوقاتاً عصيبة كما في هذه الأيام، ومما زاد الطين بلة هو خصومات 30% التي طالت رواتب الموظفين، فلا حركة شرائية ولا زبائن، وبالتالي وضعي الاقتصادي كتاجر في السوق تدهور، وأصبحنا نخشى على باب رزقنا".
ويضيف: "نعم قبل يومين طلبت من صديق لي أن يأخذني إلى شيخ أو معالج روحاني علني أجد ضالتي لديه، فلربما هناك نحس قد أصاب المحل".
"أسمع أن هناك وصفات أو حجب معينة توضع في المحل لجلب الرزق ولهذا أريد الذهاب إلى أحد هؤلاء (المشعوذين)، أنا أعلم أن الأمر حرام شرعاً لكنني لا أسعى سوى لزيادة وتحسين الرزق عندي، فأنا رب أسرة ولدي من الالتزامات الأسرية والتجارية ما يثقل ظهري"، على حد قوله.
تاجر: وقعت في الفخ بحجاب
يقول أبو محسن (50 عاماً) ويعمل تاجر مخراز: "جاءتني إحدى الزبائن وعرضت عليّ وصفة لجلب الرزق بعدما شكوت لها قلة الحركة في المحل وقلة الزبائن، فعرضت عليّ أن تحضر لي حجاباً لجلب الرزق، يتم وضعه في مكان خفي في المحل، وفعلاً هذا ما حدث".
ويضيف: "نعم تحسن وضع البيع من حيث الزبائن نوعاً ما ولكن في يوم جاء عندي شيخ كزبون، وما إن دخل المكان حتى بدأ يشعر بنوع من ضيق الصدر، فأخبرني وبكل صراحة أن هناك شيئاً غامضاً في المحل، وأن الوضع ليس على ما يرام، فسردت عليه ما حصل بيني وبين السيدة".
"طلب مني إحضار الحجاب وقام بإبطاله بقراءة القرآن عليه وأخبرني بأن هذا الحجاب هو توكيل من العالم الآخر، وأنه مؤذٍ جداً لأنه أحياناً ينقلب السحر على الساحر".
مشعوذ: الظروف الاقتصادية هي السبب يقول المشعوذ أبو الليل (كما يسمي نفسه): "يومياً يأتيني تجار باختلاف القصص بعضهم مكسور بمبالغ مهولة، وبعضهم يريد أن تبتعد عنهم الشرطة وألا تلاحقهم، وبعضهم يريد حجاباً لجلب الرزق، وبعضهم يريد تهدئة الدائنين ضده، وبعضهم يريد حجاباً مؤقتاً من أجل التهرب من دفع الشيكات المطلوبة منه".
ويضيف: "الحجاب عبارة عن طلاسم تكتب بحبر خاص، ونستخدم أغراضاً لا أستطيع ذكرها، ولها طقوس خاصة كأن يتم تنجيمها ليلاً في وقت معين ومقابل مبلغ معين، ويتم وضعها في مكان معين كي تعطي النتيجة المطلوبة".
"هي رزقتي وأنا لا أسعى لضرر أحد، بل على العكس أنا أساعد المكروبين من التجار الذين تدهورت معيشتهم بسبب ديونهم وأزماتهم المالية، وبصراحة لم يكن لدي هذا التوجه من قبل لكن مؤخراً هناك طلب على هذه الحجب، والسبب هو الظروف الاقتصادية التي تسببت فيها الحكومات"، على حد قوله.
مُعالج بالقرآن يوضحيعلق المعالج الروحي أبو العبد من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة حول هذا الموضوع بقوله: "أصبح هذا التوجه شائعاً مؤخراً بسبب الظروف الاقتصادية التي دمرت سيولة بعض التجار وأنشطتهم التجارية، لذلك لجؤوا لهذه الحيل التي اعتبرها مضللة والتي يعتقد من ورائها أنها تجلب الرزق".
ويضيف: "يقوم المشعوذ أو الدجال بتحضير شيء يسمى حجاب لجلب الرزق وهو عبارة عن توكيل من العالم الآخر (الجن) بأن يحضر للمكان الفلاني، ويجلب الناس للمكان المقصود ويعلق هذا الحجاب في مكان خفي داخل المحل بحيث لا يراه أحد تجنباً للشك والريبة".
"لو فتحنا هذا الحجاب نجد رموز جنية أو تعويذة برموز وطلاسم غير مفهومة، بالإضافة إلى بعض الآيات من القرآن وهذا الحجاب يكلف مبلغاً كبيراً يدفعه التاجر للمشعوذ، يأتيني يومياً أعداد كبيرة من التجار لأقوم بما يفعله الدجالون لكنني أرفض فأنا فقط أعالج بالقرآن"، على حد قوله.
عطار في سوق الزاوية يقول (م. أ) صاحب محل عطارة في سوق الزاوية (29 عاماً): "لدي الكثير من الزبائن معظمهم من التجار يطلبون الوصفة التي تجلب الرزق، وتمنع النحس، أو الحسد، وهي عبارة عن شبة بيضاء وبخور جاوة ورصاص وحصى لبان، والتي يتم بها تبخير المكان المقصود جلب الرزق فيه".
ويؤكد: "تكلفة هذه الخلطة عشرة شواكل، ويتم التبخير بها يوم الجمعة بإشعال الفحم حتى يجمر ثم توضع عليه مكونات هذه الوصفة، والتي تلقى إقبالاً شديداً خاصة في الآونة الأخيرة ربما بسبب ما يعانيه التجار من قلة البيع والربح".
"قد يكون سبب قلة الرزق هو الحسد فبهذه الوصفة يفسد الحسد وما إن يفسد الحسد حتى يتحسن الرزق في المحل أو البيت وهكذا"، على حد قوله.
هل استجلاب الرزق حلال؟ وفي سؤال حول ما إذا كان استجلاب الرزق بهذه الطرق حلال أم لا، يقول الدكتور ماهر السوسي أستاذ الفقه المقارن المشارك كلية الشريعة والقانون: "هذه الطرق حرام على الإطلاق، وغير مشروعة، لأنها شرك بالله سبحانه وتعالى، فالرزق بيد الله وحده، لا بيد الساحر والدجال، ولا بيد وصفة العطار، وهذا الأمر هو جزء من عقيدة الإنسان المسلم".
ويضيف: "يتم استجلاب الرزق بالاستغفار وصلة الرحم وترك المعاصي وحسن الظن بالله، بأنه هو الرازق، بالإضافة إلى الاعتماد والتوكل على الله حق التوكل مع الأخذ بالأسباب، فالله هو الذي يوزع الرزق كيف يشاء لمن يشاء".
"ما نعيشه اليوم من فقر وبطالة وقحط وضيق وسوء بالأوضاع الاقتصادية هو حرب من الله بجنود لا نراها، نتيجة انتشار آفة الربا (القرض) سلطها الله علينا نتيجة هذه الآفة"، بهذه العبارة اختتم الدكتور السوسي حديثه.
إحصائيات رسمية
هذا وكان قد أكد الناطق باسم الشرطة الفلسطينية أيمن البطنيجي بأن عدد أوامر الحبس على ذمم مالية وديون في عام 2017 بلغت 98314 أي قرابة 100 ألف حالة خلال عام واحد.