اهرام برس - حتى اللحظة، لا يعرف الشاب محمد يحيى (اسم مستعار) سبب فصله من عمله في إحدى القنوات الفضائية بقطاع غزة، والتي عمل بها مدة تسع سنوات، وخاصة أن الفصل جاء دون إخطار مسبق كما ينص قانون العمل الفلسطيني.
يؤكد الشاب، أن مديره بالعمل طلب منه تقديم استقالته بشكل مفاجئ دون معرفة الأسباب التي دفعته للقيام بذلك، ودون تعويضه أيضاً عن خدمة سنوات العمل التي قضاها بتلك المؤسسة.
ويضيف: "حاولت معرفة السبب الرئيسي الذي دفعه إلى فصلي من عملي من الشؤون الإدارية، لكن الرد يكون قدم استقالتك فقط، وعندما طالبتهم بدفع مستحقاتي المالية، امتنعوا عن ذلك، وعرضوا عليّ مبلغاً صغيراً جداً، مقابل ما يجب أن أحصل عليه جراء ما قدمت من سنوات في الخدمة".
ويتابع: "لم أقبل بذلك المبلغ كونه قليلاً جداً، وتوجهت إلى وزارة العمل لأطالب بحقي عن طريقهم، ولكن حتى اللحظة لم أحصل على أي مبلغ مادي مقابل الفصل التعسفي الذي تعرضت له".
والفصل التعسفي هو ذلك الفصل غير المبرر ولا يستند إلى أي تبرير من القانون، وأوجب قانون العمل الفلسطيني بنص المادة (47) لعام 2000، أنه على صاحب العمل في حالة فصل العامل فصلاً تعسفياً تعويضه أجرة شهرين عن كل سنة أمضاها لدى صاحب العمل بشرط ألا يتجاوز التعويض أجر سنتين، إلا أنه لا تحسب كسور السنة في التعويض عن بدل الفصل التعسفي ( مثلاً: عامل عمل ثماني سنوات ونصف تحسب مدة ثماني سنوات ولا يحسب النصف)، ويجب ملاحظة أيضاً أنه في حالة عدم تحديد الأجر بشكل دقيق مثل أن يأخذ العامل أجره بالقطعة، فهنا يحسب للعامل متوسط الأجر فقط.
العامل فادي إسماعيل (23 عاماً) كان يعمل بأحد المطاعم بمدينة غزة، إلا إن مدير المطعم استغنى عن خدماته بشكل مفاجئ دون سابق إنذار، الأمر الذي دفعه لسؤاله عن دافع الاستغناء عنه، فكان الرد أن مكان العمل بات لا يستوعب المزيد من العمال، في حين أن صاحب المطعم وظف ثلاثة أشخاص قبل فصله بعدة أيام.
ويضيف إسماعيل: "كان عندي شك من فترة أن صاحب العمل يريد إنهاء عملي بشكل أو بآخر، ولكن حتى الآن لم أعرف ما السبب الذي دفعه لفعل ذلك".
من جانبه، يوضح نقيب العمال سامي العمصي، أنه في حال حدث فصل تعسفي بحق أي عامل، فإنه يحق له رفع شكوى قضائية ضده بأحد المحاكم، ويحصل على تعويض ومكافأة نهاية الخدمة.
ويبين العمصي، أن مشكلة الفصل التعسفي بقطاع غزة استثنائية، وغير مفعلة بالمحاكم، لأن رب العمل يتعلل نتيجة للأوضاع التي السيئة التي يمر بها العمل داخل غزة، بسبب الحصار، وبأي حجة أهمها عدم قدرته على دفع مستحقات العامل المالية.
ويؤكد، أنه إذا تم فصل أي عامل من قبل رب عمله، فلابد أن يستند صاحب العمل إلى صدق حجج قرار الفصل، وألا يكون الحديث فقط عن الفصل دون وجود دليل قوي، لأن معظم أرباب العمل يعلقون فصل عمالهم على شماعة الحصار والأوضاع الاقتصادية التي يمر بها أهالي قطاع غزة.
ويضيف: "الكثير من الشكاوى مرت على نقابة العمال من قبل مواطنين تم فصلهم بشكل تعسفي، ولكن عدم تفعيل قضية الفصل التعسفي في المحاكم تكبل أيدي النقابة، لأن أي حراك ضد صاحب العمل من النقابة، والاختلاف معه تكون نهايته التوجه إلى المحاكم للفصل في القضية".
ويتابع نقيب العمال: "يوجد لجنة قانونية تابعة لنقابة العمال، تتعاطى مع جميع مشاكل العمال، دون أن تتقاضى أي أجر يذكر من العامل، وتحاول نقابة العمال جاهدة حل أي خلاف بين أرباب العمل والعمال قبل اللجوء إلى المحاكم والقضاء".
من جهته، يوضح الباحث القانوني محمد التلباني، إن قانون العمل هو الذي يحكم بين صاحب العمل والعامل، ومنظمة العمل الدولية أقرت مبادئ على قانون العمل لأن العلاقة بين العامل ورب العمل غير متكافئة، لأنه يوجد في هذه الحالة شخص قوي وآخر ضعيف، وعملت على حماية العامل من الفصل التعسفي الذي يتعرض له.
ويبين التلباني، أن قانون العمل حدد كيف يبدأ العمل وكيف ينتهي، فانتهاء عقد العمل ينتهي عند تشطيب منزل، أما في حال أن عقد العمل ليس له مدة لانتهائه، فيكون هناك إجراءات معينة عند انتهائه، والأصل أن يستمر عمل العامل إلا في حين وجود سبب معين يبرر لصاحب العمل إنهاء عقد العامل، كتسبب العامل بخسارة كبيرة لرب العمل، أو إن كان يتغيب كثيراً دون تبليغ أو إنذار.
ويؤكد، أن قانون العمل يحمي العامل من الفصل التعسفي، وحدد بعض الحالات التي تعتبر فصلاً تعسفياً بشكل علني، كمطالبة العامل بحقوقه، وبمجرد المطالبة قام رب العمل بفصله، فهذا يعتبر تعسفياً وانتقاماً من العامل.
ويضيف الباحث القانوني: "القانون يقول إنه إذا كان رب العمل يريد إنهاء عقد عامل، فلا يجوز له إلا بمبرر قوي، ولا يجوز له فصله فجأة دون سابق إنذار بمدة لا تقل عن شهر إذا كان العقد بينهما شهرياً، وإن كان إنهاء العمل بالتراضي بين الطرفين، فيكون للعامل مكافأة نهاية خدمة راتب شهر مقابل كل سنة قضاها بالعمل؛ أما في حال الفصل التعسفي فإن القانون يعطي حق للعامل بالحصول على راتب شهرين عن كل سنة قضاها بالعمل".
في ذات السياق، يوضح مدير التفتيش وحماية العمل بوزارة العمل-غزة كمال محفوظ، إن صاحب العمل عليه إثبات بالمستندات والأدلة أن العامل تسبب له بخسائر مالية أو فنية إذا أراد فصله، وغير ذلك يعتبر فصلاً تعسفياً بحق العامل.
ويضيف محفوظ: "يتقدم العامل المفصول من عمله بشكوى إلى وزارة العمل ضد رب عمله، وبدورها تقوم وزارة العمل بتحقيق ميداني عن سبب الفصل، فإذا لم يثبت أنه تسبب بخسارة مالية أو فنية أو سلوكية، فإن ذلك يعتبر غير قانوني، وتعمل الوزارة على أخذ حق العامل إما بالتوافق والتراضي بين الطرفين أو عن طريق المحاكم والقضاء".
ويتابع: "تقدم لنا العديد من عمال قطاع غزة بشكاوى ضد أرباب عملهم، وأجرت وزارة العمل التحقيق المناسب في الموضوع، وأرشدتهم إلى القيام بالإجراءات السليمة، ومعظم الشكاوى شهدت وزارة العمل بالمحكمة بما تراه مناسباً لإنصاف العمال".